امتیاز موضوع:
  • 0 رأی - میانگین امتیازات: 0
  • 1
  • 2
  • 3
  • 4
  • 5
مناظره عبدالله بن عباس مع الحروريه
#1
مناظره عبدالله بن عباس مع الحروريه
قال عبدالله بن عباس : لما خرجت الحروریه اعتزلوا فی دارهم وكانوا سته آلاف . فقلت لعلی ـ علیه السلام ـ : یا أمیر المؤمنین أبرد بالظهر ، لعَلیّ آتی هؤلاء القوم فأكلمهم . قال : إنی أخاف علیك .
قلت : كلا . قال : فقمت وخرجت ودخلت علیهم فی نصف النهار وهم قائلون ، فسلمت علیهم . فقالوا : مرحبا بك یابن عباس ، فما جاء بك ؟
قلت لهم : أتیتكم من عند أصحاب النبی ـ صلّى الله علیه وآله وسلّم ـ‍ وصهره ، وعلیهم نزل القرآن ، وهم أعلم بتأویله منكم ، ولیس فیكم منهم أحد ، لابلّغكم ما یقولون ، وأخبرهم بما تقولون . قلت : أخبرونی ماذا نقمتم على أصحاب رسول الله ـ صلّى الله علیه وآله وسلّم ـ وابن عمه ؟ قالوا : ثلاث . قلت : ما هن ؟
قالوا : أما إحداهن ، فإنه حَكَّم الرجال فی أمر الله ، وقال الله تعالى : ( إن الحكم إلا لله )(2) ، ما شأن الرجال والحكم ؟ ! فقلت : هذه واحده . قالوا : وأما الثانیه ، فإنه قاتل ولم یَسبِ ولم یغنم ، فإن كانوا كفارا سلبهم ، وإن كانوا مؤمنین ما أحل قتالهم(3). قلت : هذه اثنتان ، فما الثالثه ؟ قالوا : إنه محى نفسه عن أمیر المؤمنین ، فهو أمیر الكافرین . قلت : هل عندكم شیء غیر هذا ؟
قالوا : حسبنا هذا . قلت : أرأیتم إن قرأت علیكم من كتاب الله ومن سنه نبیه ـ صلّى الله علیه وآله وسلّم ـ ما یردّ قولكم، أترضون؟ قالوا : نعم .
قلت : أما قولكم حَكَّم الرجال فی أمر الله ، فأنا أقرأ علیكم فی كتاب الله أن قد صیَّر الله حكمه إلى الرجال فی ثَمَن ربع درهم ، فأمر الله الرجال أن یحكّموا فیه ، قال الله تعالى : ( یا أیها الذین آمنوا لا تقتلوا الصید وأنتم حرم ومن قتله منكم متعمدا فجزاء مثل ما قتل من النعم یحكم به ذوا عدل منكم )(4) الایه ، فأنشدتكم بالله تعالى : أحكمُ الرجال فی أرنب ونحوها من الصید أفضل ؟ أم حكمهم فی دمائهم وصلاح ذات بینهم ، وأنت تعلمون أن الله تعالى لو شاء لحكم ولم یصیّر ذلك إلى الرجال ؟ قالوا : بل هذا أفضل . وفی المرأه وزوجها قال الله عزوجل : ( وإن خفتم شقاق بینهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن یریدا إصلاحا یوفق الله بینهما )(5) الایه ، فنشدتكم بالله حكم الرجال فی صلاح ذات بینهم وحقن دمائهم أفضل من حكمهم فی امرأه ؟ أخرجتُ من هذه ؟ قالوا : نعم .
قلت : وأما قولكم : قاتل ولم یسَبِ ولم یغنم ، أفَتسْبوُن أمَّكم عائشه ، وتستحلون منها ما تستحلون من غیرها ، وهی أمُكم ؟ فإن قلتم: إنا نستحل منها ما نستحل من غیرها ، فقد كفرتم ، ولان قلتم: لیست بأمنا، فقد كفرتم ، لان الله تعالى یقول : ( النبی أولى بالمؤمنین من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم ) (6). فأنتم تدورون بین ضلالتین ، فأتوا منهما بمخرج ؟
قلت : فخرجتُ من هذه ؟ قالوا : نعم . وأما قولكم : محى اسمه من أمیر المؤمنین ، فأنا آتیكم بمن ترضون ، وأراكم قد سمعتم أن النبی ـ صلّى علیه وآله وسلّم ـ یوم الحدیبیه صالح المشركین ، فقال لعلی ـ علیه السلام ـ : اكتب هذا ما صالح علیه محمد رسول الله ـ صلّى الله علیه وآله وسلّم ـ، فقال المشركون : لا و ، ما نعلم أنك رسول و الله ، لو نعلم أنك رسول الله لاطعناك ، فاكتب محمد بن عبدالله ، فقال رسول الله ـ صلّى الله علیه وآله وسلّم ـ : امح یا علیّ « رسول الله » اللّهم إنك تعلم أنی رسولك ، امح یا علیّ واكتب : هذا ما صالح علیه محمد بن عبدالله . فوالله لرسول الله ـ صلّى الله علیه وآله وسلّم ـ خیر من علی ، وقد محا نفسه ، ولم یكن محوه ذلك یمحاه من النبوه ؟(7). خرجتُ من هذه ؟
قالوا : نعم . فرجع منهم ألفان ، وخرج سائرهم ، فَقُتِلوا على ضلالتهم ، فقتلهم المهاجرون والانصار(8). ____________
(1) الحروریه : جماعه من الخوارج النواصب ، والنسبه لبلد قرب الكوفه على میلین منها تسمى حرُوراء ، نزل بها هؤلاء بعد خروجهم على أمیر المؤمنین علی ـ علیه السلام ـ حینما قبل بالتحكیم بینه وبین معاویه ، قیل لهم حینئذاك : أنتم الحروریه لاجتماعكم بحروراء ، وقال شاعرهم :
اذا الحروریه الحرى ركبوا * لا یستطیع لهم أمثالك الطلبا
وقالوا یومها : لا حكم إلا لله ، فقال علی ـ علیه السلام ـ: كلمه حق أرید بها باطل . وسُموا ایضاً بالخوارج والمحكمه ، والسبب الذی له سُمّوا خوارج : خروجهم على أمیر المؤمنین ـ علیه السلام ـ ، والذی له سُمّوا محكمه : إنكارهم الحكمین ، وقولهم لا حكم الا لله . راجع : معجم الفرق الاسلامیه لشریف الامین ص 94 ، مقالات الاسلامین للاشعری ص 127 ـ 128 . (2) سوره الانعام : الایه 57 . (3) المقصود من كانوا فی حرب الجمل ، فان أمیر المؤمنین ـ علیه السلام ـ نهى عن قتل جریحهم وسبیهم وسلبهم واتباع مدبرهم . (4) سوره المائده : الایه 95 .
(5) سوره النساء : الایه 35 . (6) سوره الاحزاب : الایه 6 . (7) خصائص امیر المؤمنین للنسائی ص150 ـ 152 ح185 ، دلائل النبوه للبیهقی ج 4 ص 147 ، المناقب للخوارزمی ص192 ح231 ، الكامل فی التاریخ ج2 ص204 ، شرح نهج البلاغه ج2 ص232 وج10 ص258 ، الارشاد للمفید ص63 ، مجمع البیان ج 5 ص 119 . (8) المصنف لعبد الرزاق ج10 ص157 ـ 160 ، جامع بیان العلم وفضله لابن عبد البر ج2 ص103 ـ 104 ، الحاكم فی المستدرك ج2 ص150 ، مناقب ابن المغازلی ص406 ح460.
پاسخ
تشکر شده توسط:


پرش به انجمن:


کاربرانِ درحال بازدید از این موضوع: 1 مهمان